المعنويات في قبضة التوترات الإقليمية

تستمر التوترات الجيوسياسية في المنطقة في تصدر عناوين الاخبار و سيتمر التركيز على خام برنت لقياس معنويات المستثمرين ومدى مخاوف التسعير. يتداول خام برنت حالياً حول 77 دولاراً للبرميل بعد أسبوع متقلب أضاف ما يقرب من نحو 16% كعلاوة مخاطر جيوسياسية ثم تبددت ولو بشكل جزئي قبل أن يستعاد الزخم نسبياً. الحركة بدأت بقفزة من منتصف الستينات للبرميل مع تصاعد عناوين المواجهة بين إسرائيل وإيران، أعقبها تراجع عندما استعادت توقعات التهدئة نشاطها مدعومة بعمليات جني الارباح  في مطلع الاسبوع، ثم ارتداد جديد مع تجدد أحاديث تبادل الصواريخ والتصعيد. حتى الآن يظهِر عمق السوق تمسك المستثمرين بفرضية الضربات المحدودة. الغارات الإسرائيلية تظل مركزة على مواقع معينة، في حين يقتصر رد طهران على مسيرات وصواريخ رمزية لا تستهدف مراكز ذات بعد إستراتيجي مهدد.

هذا الضبط يسمح للدبلوماسية الهادئة بالاستمرار. اقدر احتمالية هذا السيناريو بالاغلبية المرجحة، وهو ما يفسّر عودة برنت إلى منتصف السبعينيات وتفلطح هيكل الآجال الابعد، إضافة إلى تقليص الصناديق جانباً من صافي مراكزها الطويلة التي كانت قد بلغت أعلى مستوى في تسعة أشهر، مدفوعة بما يُعرف بمؤشر طلبيات البيتزا الناجم عن طلبات البنتاغون الذي تم تداولة الاسبوع الماضي بكثرة ، بالتأكيد مع العنواين السياسية الاخرى التي اشارت الى ارتفاع احتمالية المواجهه.

ومع ذلك يدفع سوق الخيارات علاوة ملموسة للتحوط ضد تصعيد أوسع. امنح احتمالاً اقل لهذا السياريو ولكن وارد ، لوقوع تدخل اميركي في العمليات الحالية لاكمال استهداف بنك الاهداف الذي تم ذكره خلال اليومين الماضيين والذي يشير الى مراكز تخصيب اليورانيوم ونحوه. في هذا المسار قد يحفز برنت للذهاب الى نطاق  80 - 90 دولار.

أما ذيل التوزيع  - وهو احتمال اذا حدث فهو قصير الاجل - فيتمثل في محاولة إيران خنق مضيق هرمز، وهو احتمال ضئيل ولكن مؤثربشكل كبير على سوق الطاقة وله عواقب سياسية لا يحمد عقباها. إغلاق قصير قد يدفع برنت إلى ما فوق 100 دولار ، ويضغط على الأسهم العالمية في تقديري بناء على ردات الفعل التاريخية، ويهبط بعوائد السندات الأميركية. عندئذ لن يبقى الامر على الساحة الاقليمية فقط بل سيتدخل المجتمع الدولي  وخصوصا بكين اكبر عملاء نفط الخليج ، بينما تأتي قدرات أوبك باستخدام طاقتها الفائضة.

لطالما ظل برنت قريباً من 75 دولاراً، وبقي العائد على السندات الأميركية ضمن نطاقه الضيق، فإن السوق تراهن على سيناريو الاحتواء. ورغم صغر احتمال إغلاق هرمز، فإن مراكز صنع القرار قد تأخذ الامر على محمل الجد من نواحي سياسية وعسكرية ولكن في سوق الطاقة بالنسبة للمستثمرين عبر الأصول، العين تبقى على آجال النفط ومنحنياته المستقبلية.

في سوق الذهب ، اغلاق الذهب نهاية الاسبوع الماضي حول 3,432 دولار للاوقية كان الاغلاق الاعلى للذهب تاريخياً ولو ان التداولات على الفواصل الاقصر شهدت مستويات على وخصوصا يوم 22 ابريل لكن لمدة ساعات فقط عندما وصل الى اعلى المستويات عند 3500$. تنازل الذهب عن جزء من الارباح منذ مطلع الاسبوع والى مستويات 3,375 حاليا وخط الدفاع الاقرب هو متوسط ال20 يوم الذي سيقدم دعم لو فُقد 25 دولار من التداولات الحالية. مع اقتراب دخول عدد من التواريخ المهمة التي سوف تعيد التعريفات الجمركية الى الواجهه الشهر المقبل بالاضافة الى التوترات الجيوسياسية ، البيئة مناسبة للذهب للبقاء عند مستويات مرتفعة وربما اعادة اختبار المستويات القياسية وخصوصا اذا لم يتم اعلان الوصول الى اتفاق تجاري مع الاتحاد الاوروبي ولو على مستوى المبادئ كما حدث مع المملكة المتحدة.

بشكل متفهم ، الاسهم الاميركية بشكل جانبي متراجع بسبب ضعف معنويات المستثمرين المتخوفة من سحب الحكومة الاميركية الى الصراع في الشرق الاوسط وما قد يتبعه من حاله عدم اليقين واحتمالية تفاقم الوضع. مؤشر اس اند بي 500 عند مستويات مقاربه من 5,970 وعند مستويات مطايقة لمتوسطات 20 يوم ومع تشكيل مقاومة عند مستويات 6050 على امتداد الاسبوع الماضي وقد يكون اعادة اختبار هذه المستويات الطريق الاقل مقاومة وعلى وجه التحديد اذا تم تراجع المخاطر الجيوسياسية.